الجامعة القديمة للمذهب الزيدي في اليمنخالد المرشد
يعد جامع الأمام الهادي يحي بن الحسين والواقع داخل مدينة صعده القديمة من أشهر وأبدع و أقدم الجوامع الإسلامية بمحافظة صعده بل وعلى مستوى اليمن قاطبة لما يتميز به من طابع معماري فريد، كما يعتبر من أقدس الجوامع عند الشيعة الزيدية ويكتسب أهمته كونه مثل امتدادا روحياً وفكرياً وعقائدياً لأتباع المذهب الزيدي في اليمن على مدى أكثر من عشرة قرون خلت، كانت فيه صعده قلعة للزيدية في اليمن.
بل وأسهم في تخرج عشرات المؤرخين والمفكرين والعلماء و الأدباء والشعراء ولعل أبرزهم الحسن بن أحمد الهمداني صاحب الإكليل وصفة جزيرة العرب والمؤرخ والشاعر نشوان الحميري.
وكثير من علماء المذهب الزيدي باليمن كما تذكر المصادر التاريخية، يفد إلية الزوار من أتباع المذهب الزيدي من أنحاء متفرقة من اليمن للصلاة والدعاء والتبرك .
بناه الإمام الهادي يحي بن الحسين الرسي مجدد المذهب الزيدي في اليمن ومؤسس الدولة الزيدية في اليمن، بعد خروجه من المدينة المنورة في القرن الثالث الهجري
وسمي بجامع الهادي نسبة إلية، والجامع بشكله الحالي يمثل أحد فنون العمارة الإسلامية القديمة.
ونظراً للأهمية التي يحتلها هذا الجامع لدى الكثيرين من أتباع المذهب الزيدي في اليمن ، حاولنا تسليط الضوء على هذا المعلم التاريخي البارز والتعرف عن قرب على ملامحه ومكوناته في هذا الاستطلاع.
مراحل بناء الجامع :
كما ذكرنا أن بداية تأسيس الجامع والذي يشكل الجزء الجنوبي من الجامع على يد الإمام يحي بن الحسين الرسمي عام 284هـ والذي سماه بجامع النور كما ذكرت المصادر التاريخية بطول 45متراً وعرض 16متر.
وجعل له محرابان وخمسة أبواب من الجهة الجنوبية المواجه للمشاهد و الأضرحة وباب رئيسي من جهة الشرق وبابان من جهة الغرب ويفصل بين المسجد والأضرحة (المشاهد) صرح مكشوف.
التوسعات:
المرحلة الثانية وهي مرحلة التوسعات التي أدخلت على الجامع وهي المقدمة بهيئتها الحالية
،ويذكر المؤرخون أن توسعة المسجد تمت في عهد الأمير (شمس الدين ويحي بن شرف الدين ) في منتصف القرن العاشر الهجري وبالتحديد في عام 945هـ بطول 45متراً وعرض 18متر وجعل له 72 دعامة 99عقداً وبني منبراً في مقدمته ومحراب واحداً .
ويفصل بين الجامع القديم والتوسع فناء مكشوف وقد بنيت مآذنه للجامع في هذا الفناء تعد من أجمل المآذن القديمة في اليمن تم بنائها بأسلوب هندسي وطابع معماري مميز عن غيرها من المآذن بناها القاضي عبد الله بن الحسين الدواري كما وقام ببناء وتوسعة القباب على الأضرحة الموجودة في مؤخرة الجامع سنة (750هـ) ويبلغ طول المأذنه 37 متراً .
المشاهد والأضرحة في جامع الهادي:
قبة الإمام الهادي:
توجد في مؤخرة الجامع إلى الجهة الجنوبية منه العديد من القباب والمشاهد أشهرها قبة الهادي بداخلها ضريح الإمام الهادي يحي بن الحسين مجدد المذهب الزيدي في القرن الثالث الهجري إلى جانب العديد من الأضرحة لأولاد الهادي وأحفاده وبعض القريبين منه وتعد أشهر هذه القباب والمشاهد قبة الهادي وكما أسلفنا الذكر
تقع في مؤخرة الجامع وفيها ضريحه وعليه تابوت من الخشب المزخرف وللتابوت فتحتين علويتان ويعد قبر الأمام الهادي أحد المزارات الهامة لدى أتباع المذهب الزيدي لما للإمام الهادي من مكانة كبيرة في نفوس الزيدية باعتباره الإمام المجدد للمذهب في القرن الثالث الهجري ومؤسس الدولة الزيدية في اليمن .
ويقف الزائر أمام التابوت وبعد أن يسلم على صاحب التابوت يبدأ بتلاوة أذكار وأدعية بشكل فردي وبعض الزوار يتمسح بالقبر وبعضهم يأخذ من التراب الموجود على القبر تبركا واستشفاء حسب زعم من حدثنا من الزائرين للمرقد.
والقبة مبنية على شكل نصف دائرة تحوي بداخلها نقوش مزخرفة غاية في الروعة والإبداع، ويوجد بداخل القبة إلى جوار ضريح الهادي أضرحة أولاده الناصر والمرتضى و المختار يحيى بن أحمد
وتذكر المصادر التاريخية أن الذي شيد قبة الهادي هو الإمام علي بن أحمد بن القاسم سنة(1108هـ)
قبة الشريفة:
وتقع غرب قبة الهادي وتسمى قبة الشريفة نسبة إلى الشريفة فاطمة بنت الإمام علي بن محمد بن الحجاج
قبة الإمام أحمد بن القاسم:
وهي أعلى وأوسع قباب الجامع وفيها ضريح الإمام أحمد بن القاسم داخل تابوت من الخشب مزخرف الذي بنا جامع الروضة بصنعاء كما توجد قباب أخرى منها قبة الأمام القاسم بن أحمد وقبة الغرباني .
الدروس التي تقام في الجامع :
يعتبر جامع الهادي وعلى مدى أكثر من عشرة قرون خلت جامعة علمية ومنار إشعاع فكري وديني وثقافي، أسهم في تخريج عشرات الأئمة ومئات العلماء والمفكرين الذين ملأت شهرتهم الأفاق منهم المؤرخ الكبير الحسن بن أحمد الهمداني لسان اليمن صاحب الإكليل وصفة جزيرة العرب والمؤرخ القاضي نشوان بن سعيد الحميري صاحب كتاب (شمس العلوم).
أما اليوم فقد غاب نجمه وخسفت شمسه ولم تعد تقام تلك الدروس خلا بعض الدروس في الفقه كتاب ( متن الأزهار) ومسند الإمام زيد بن علي وحدثنا بذلك إمام الجامع أثناء زيارتنا للجامع وأكد لنا أنه وبعد اشتعال التمرد بمحافظة صعده شددت الرقابة على الدروس التي تقام في المسجد ومنع كل من كان يقوم بالتدريس من إقامة الدروس .
مكتبة الهادي:
كما ويحتوي جامع الهادي على مكتبة تحوي أنفس الكتب القديمة وأغلى المخطوطات العلمية النادرة في شتى العلوم منها مصاحف مكتوبة بخط اليد ومخطوطات في الحديث وأصول الدين وأصول الفقه و الفرائض والنحو وغيرها.
ويبلغ عدد المخطوطات السالفة الذكر حوالي 101مخطوطة إضافة إلى 73مخطوط في علوم شتى، وحسب رواية المقيمين على المكتبة فقد تعرضت كثير من المخطوطات للنصب والسرقة في مراحل متقدمة وضبطت بعض هذه المخطوطات في بعض المنافذ ولم يتم استعادتها حتى الآن .
منقول